- الرقيب في الضابطة الخاصة لقوة اليرموك في قطنا عبد الله خليل الأردني، قد مر بحانتك مساء اليوم.. هل تذكر؟

- نعم أذكر جيداً..

- ماذا عمل عندك؟

- أخرج المتطوعة الذين كانوا يغربدون.. وعلى الفور أغلقت حانتي ودخلت الدار.. ثم لم أغادرها إلا الساعة.

- حسن.. تذكر.. هل تعرف هؤلاء المتطوعة؟

- إنهم من أقطار مختلفة: اليمن.. الحجاز.. العراق.. و.. لذلك من العسير أن أعرفهم جميعاً.

- إذن فأنت تعرف بعضهم؟

- طبعاً..

- أذكر لي اسم هذا البعض..

- سعيد حمدو الفلسطيني..

- وعبده الخالد من الأردن

- ثم من؟

- لا أعرف أسماء الآخرين.. ولكن أظنني أعرف وجوههم..

.. ولم يشأ المحقق أن يقطع تسلسل العمل فدعا بالرقيب برهان، وكلفه أن يحمل الخمار في سيارته.

وبعد مكالمة هاتفية قصيرة انطلقت السيارتان في الطريق إلى معسكر اليرموك خارج قطنا.

ودخل المحقق مع رئيس مثله من المعسكر، ووراءه كاتب التحقيق والرقيب برهان.. دخلوا جميعاً إحدى قاعات النوم، وكان نزلاؤها الثمانية يغطون في نوم عميق..

وطلب المحقق أن يؤتى بسعيد وعبده.. فأوقظا بصعوبة، وكلفا ارتداء ثيابهما، ثم أخرجا إلى غرفة مجاورة، حيث جهز للمحقق مكتب مرتجل..

ونظر المحقق إلى المتطوعين، قد أخذتهما رعشة ظاهرة.. وبدأ الجحوظ في عينيهما القلقتين، فلم يرد في ذلك ما يسترعي الاهتمام، بل وجد له ما يسوغه في برودة الجو، والنهوض المباغت من النوم، وأشار إلى أحد الاثنين بأن يدنو منه، ولكنه لم يفهم ما يريد، وجعل يدقق بصره بين رفيقه والمحقق في نظرات زائغة، فاضطر المحقق أن يشعره بقصده إليه، وقال له في لهجة الأمر: "أنت.. تعال" …

ولكن الرجل غلبه الارتباك، فأخذ يجمجم، وهو يسارق رفيقه النظر: أنا!!. لا.. ما أنا.. هو.. هو!.

وبدا رفيقه فاغر الفم، كأنه عجز عن النطق، وقد بهتت عيناه، وانطفأ بريقهما، فكأنهما مصنوعتان من الزجاج، ولم يسطع ضبط ساقيه، فجعلتا تهتزان بصورة أفقدته التوازن..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015