إن مسألة الخروج على أئمة الجور والظلم مسألة مهمة قد اعتنى بها أئمة أهل السنة والجماعة وما ذلك إلا لما يترتب عليها من آثار عظيمة وفساد خطير، وقد بحثت في كتب أهل العلم بحثاً مستفيضا وجعلت من ضمن أصول أهل السنة والجماعة الاعتقادية من أخل بهذا الأصل بدع ومنع وفي هذا المقام سأبين مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة مدعماً ذلك بالأحاديث الصحيحة وأقوال السلف الصالح في ذلك باختصار- وبالله التوفيق.
إن من عقيدة أهل السنة والجماعة، وأصولهم السمع والطاعة للأئمة ماداموا بأمور الدين قائمين، وعن بيضته وحوزته محامين ومدافعين، وعلى الثغور مرابطين وللمسلمين موالين، ولحرماتهم محافظين، ولأهل البدع والعدوان قامعين. وللكفار والمنافقين معادين، ولنا الظاهر من تصرفاتهم ونكل إلى الله سرائرهم، كما يرون أن الجهاد معهم ماض، والصلاة خلفهم صحيحة وكذلك بقية العبادات، ويعتقدون أن الدعاء والنصيحة لهم من الإسلام وأن الغدر والنكث لهم من الخذلان، وأن طاعتهم طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومعصيتهم معصية لله ورسوله صلى الله عليه وسلم - وأن الخارج عليهم يعتبر شاقاً لعصا المسلمين، مخالفاً لأثر المصطفى صلى الله عليه وسلم – ولذلك حكم عليه إن مات على ذلك بالميتة الجاهلية، وعلى المسلمين مدافعته، والأخذ على يده نصرة لإمامهم، وحفظاً لدينهم، وحقناً لدمائهم، وصيانة لأعراضهم وأموالهم، ويعتقدون أن من تغلّب بالسيف، وصار له شوكة وقوة، وسمي أميراً وقاد الناس وساسهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجبت طاعته والانضمام تحت أمرته، وإعطاؤه صفقة اليد، وثمرة القلب وبذل النصيحة له والصدع بالحق له، وعليه، لما ثبت في الحديث الصحيح "وأن نقول بالحق ولا نخاف في الله لومة لائم ". فإن صدر من الأئمة ما يشين سلوكهم وعقيدتهم من كفر بواح أو عدم إقامة للصلاة أو ترك الدعاء إليها، أو بدعة عقدية مكفرة كالرفض ونحوها ففي هذه