وذكر ابن كثير بعض الأخبار المرسلة: أنه لما نزلت آية الشعراء جاء حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبكون قالوا: "قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء"، فتلا النبي: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} وقال: "أنتم.."ومهما يكن حال هذا الحديث فإن المعنى بالآية هم رضي الله عنهم.
هل كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الشعر؟
أما كونه صلى الله عليه وسلم كان لا يحب الشعر فقد ورد في أثر ذكره ابن كثير عن قتادة أنه قيل لعائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله يتمثل بشيء من الشعر..؟
قالت: "كان أبغض الحديث إليه، غير أنه كان صلى الله عليه وسلم يتمثل ببيت أخي بني قيس فيجعل أوله آخره وآخره أوله.."تعني قول طرفة: ويأتيك بالأخبار من لم تزود.. فإنه كان يقول صلى الله عليه وسلم: فيأتيك من لم تزود بالأخبار..
ومما روي عن تغييره لوزن الشعر ما رواه البيهقي في الدلائل أنه صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه: أنت القائل: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة فقال: إنما هو بين عيينة والأقرع.. فقال: "الكل سواء..".
وذكر ابن كثير أيضاً خبراً مرسلاً عن الحسن البصري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهياً..
فقال أبو بكر: "يا رسول الله، كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً".
والحاصل: أن كراهيته صلى الله عليه وسلم كانت إما للإكثار من الشعر أو أنه كان يكره قرض الشعر لأنه لا يمكن أن يقال بكراهيته لمطلق الشعر، وقد كان يستشهد به ويسمعه ويجيز عليه ويحث شعراءه على نظمه.