قلت: وقد يوافق صوم عاشوراء وعرفة يوم السبت. (وروى أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من الأيام السبت والأحد، وكان يقول إنهما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهما) فتح الباري 4/235.
وقال أيضاً (وروى الترمذي من طريق خيثمة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس. وروى موقوفاً وهو أشبه) الفتح 4/227.
وكان آخر الأمر من صلى الله عليه وسلم التأكيد على صوم التاسع والعاشر من شهر المحرم وقد يكون أحدهما السبت كما صح بذلك الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم كتاب الصوم باب أي يوم يصام في عاشوراء 2/798.
ومعاوية رضي الله عنه لما قدم المدينة خطبهم يوم عاشوراء فقال: أين علماؤكم يا أهل المدينة سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهذا اليوم:"هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب اللَه عليكم صيامه، وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصوم فليصم، ومن أحب أن يفطر فليفطر"رواه مسلم في الصوم 1/795 رقم 129.
قال ابن حجر (وذكر أبو جعفر الطبري أن أول حجة حجها معاوية بعد أن استخلف كانت في سنة أربع وأربعين وآخر حجة حجها سنة سبع وخمسين، والذي يظهر أن المراد بها في هذا الحديث الحجة الأخيرة) فتح الباري 4/ 247.
فهذه الروايات تدل على جواز صوم يوم السبت في النفل، بل بعضها تحث على ذلك كالأحاديث الواردة في صوم يوم عرفة وعاشوراء، وست من شوال وأيام البيض، وقد يكون من ضمن تلك الأيام يوم السبت. ولو فرض سلامة حديث الصماء بنت بسر المزنية من العلل التي ألحقت به، فإن الأحاديث التي تخالفه أقوى منه سنداًَ، وأصح مخرجاً، وأكثر عدداً، وهذه من الترجيحات التي ينبغي المصير إليها عند تعذر الجمع بين الحديثين. والله أعلم.