وروى سفيان عن عبد الكريم عن البراء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من فم قربةٍ.

وروى شريك عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (1) .

فاختلفت الأحاديث في هذا الباب. والاختيار عندنا فيه الكراهة لأنها أثبت، ولأن أحاديث الرخصة إن كان لها أصل فإنها لا تكون إلا قبل النهي. والنهي آخر الأمرين.

فأما حديث شريك عن حميد عن أنس فهو عندنا خطأ، إنما أراد حديث عبد الكريم عن البراء عن أنس. وهذا إسناد ليس بالقوي.

وبيان ما ذكرناه من النهي بعد الفعل فيما روى الزهري عن عبيد الله عن أبي سعيد قال: شرب رجل من سقاء فانساب في بطنه جان فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية. فهذا يدلك على أنهم كانوا يفعلونه حتى نهوا عنه. هـ.

باب التنفس في الشراب

روى هشام الدستوائي وعبد الوارث بن سعيد عن أبي عصام (2) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الإناء ثلاثاً، ويقول "هو أهنا وأمرا وأبرأ" (3) . هـ.

وروى عزرة بن ثابت عن ثمامة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا شرب تنفس ثلاثاً (4) . هـ.

وروى هشام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن يتنفس في الإناء" (5) . هـ.

وروى رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء فتنفس مرتين (6) .

وروى مالك (7) عن أيوب بن حبيب عن أبي المثنى الجهني عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجل: إني لا أروى بنفس واحدة؟ قال: فأبن الإناء عن فيك ثم تنفس.

فدل ظاهر هذا الحديث على الرخصة في الشرب بنفس واحد. فهذه الأحاديث في ظاهرها مختلفة. والوجه فيها عندنا أنه يجوز الشرب بنفس واحد وبنفسين وبثلاثة أنفاس، وما كثر منها، لأن اختلاف الرواية في ذلك يدل على التسهيل فيه وإن اختيار الثلاث لحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015