ثم أبين ذلك في ضعفه أنه قد سئل أبو هريرة عن الشرب قائماً فقال: لا بأس به.

فكان هذا خبر ساقط.

وأما حديث أنس فهو حديث جيد الإسناد، إلا أنه قد جاء عن أنس خلافه.

روى سفيان وزهير عن عبد الكريم الجزري عن البراء (1) ابن بنت أنس عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب وهو قائمٌ (2) .

وحديث الكراهة عن أنس هو أثبت إلا أنه لما صحت أحاديث الرخصة فقد يمكن أن يكون هذا أصح الخبرين، وإن كان حديث الكراهة أثبت. أَلا ترى أنه ربما روى الثبت حديثاً فخالفه فيه من هو دونه، فيكون الذي هو دونه فيه أصوب، وليس ذلك في كل شيء وسنفتح لك منها باباً. قد كان سالم بن عبد الله يقدم على نافع. وقد قدم نافع في أحاديث على سالم. فقيل نافع فيها أصوب.

وكان سفيان بن سعيد يقدم على شريك في صحة الرواية تقديماً شديداً، ثم قضى لشريك على سفيان في حديثين. ومثل هذا كثير.

وأما حديث أبي سعيد فإنه روى عن أبي عيسى الأسواري، وليس بالمشهور بالعلم، ولا نعرف له عن أبي سعيد غير هذا الحديث وآخر. ويرى مع هذا أنه إن كانت الكراهة بأصل ثابت، إن الرخصة بعدها، لأنا وجدنا العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على الرخصة، عمر، وعلي وسعد وعامر بن ربيعة وابن عمر وأبو هريرة وعائشة وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم. ثم أجازه التابعون: سالم بن عبد الله وطاووس وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم وغيرهم.

باب الشرب من في السقاء

روى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الشرب من في السقاء" (3) .

وروى أيوب عن عكرمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (4) .

وروى قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (5) . وهو من وجوه.

وروى يزيد بن يزيد بن جابر عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن جدته

كبشة (6) أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من فم قربةٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015