ولكن.. متى كان العربي مَعْنِيًّا بأمر هذه اللغة والتمكين لها بين غير أهلها إذا فرَّغ قلبه من الإيمان برسالة الإسلام؟ ... وإذا كان الأمر كذلك فطبيعي أن تكون الدولة التي تضم الحرمين وترفع راية التضامن الإسلامي في العالم، هي الأَوْلَى بالاستجابة إلى هذا الواجب، والأجدر بحمل العبء الأكبر من هذه المسئولية.

وهذا هو الأمر الذي استهدفت هاتان الرحلتان المباركتان تحقيقه.. فكانتا الخطوة الأولى في طريق طويل من العمل الإسلامي الذي وطنت المملكة العربية العزم على النهوض به بكل ما وسعها من جهد..

لقد قام مؤلف هذه المذكرات مع إخوانه الموفدين لتلك المهمة بواجبهم كاملا، فاطَّلعوا على أحوال المسلمين في تلك الأقطار عن كثب، وتعرفوا مدى حاجة كل منها إلى العون الأخوي فقدموا للعاملين في خدمة الإسلام ما حملوه إليهم من عون كريم مشجع، ورفعوا إلى المسئولين في المملكة اقتراحاتهم البنَّاءة التي لم تلبث أن تحولت إلى أعمال، فانتشرت بعثات الوعظ والإرشاد والتدريس في تلك المناطق بأسرها، ووزعت منح الدراسة على العديد من أبنائها.. ثم تم إنشاء أول معهد سعودي لتدريس الإسلام والعربية في الصومال الشقيق، وأول الغيث قَطر ثم ينهمر.

وإلى جانب هذه التقريرات الحيَّة المؤثرة يطالعنا الطابع العلمي في الكتاب مطلا من منافذَ عدة وجوانب مختلفة. فهناك نَقْدُه الاجتماعي الذي يتناول بعض الأوضاع غير المرضية، ثم نَقْدُه للخرافات التي تتخذ لَبُوسَ الدِّين في بعض المناطق الإسلامية، كحديثه عن المتاجرين بالقبور، وأخبار من يسمونهم بالأولياء.. وهناك النظرات التاريخية كحديثه عن وصول الإسلام إلى سواحل كينية وملاوي، وعن بناء العُمَانِيينَ مدينة دار السلام - عاصمة تنزانية -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015