ترجيح العطف على التوهم:
أورد ابن أبي الربيع وجهين من الإِعراب للفعل المضارع المقرون بالفاء "فَتكُونا"من الآية الكريمة: (ولاَ تَقْرَبَا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (1) وَرَجَّحَ النَّصبَ عَطْفاً على التَّوهِمّ على العطف بالجزم، وَوَجَّه النَّصب في الآية، على أنَّه بحرف أنْ مُضمرة لا بالفاء، ومما قاله هنا: (.. فقوله "فتكونا"منصوبٌ بالفاءِ في جواب النّهي كما تقول: لا تَدْنُ من الأسَدِ فَيَأْكُلكَ، والعطف في هذا الموضع جائز (2) ، ويكون مثل قول امرئ القيس:
فَقُلْتُ له: صَوِّبْ ولا تجهدنه فيُذْرِكَ من أخرى القطاه فتزلْقٍ
ـــــــــــــ
(1) سورة البقرة آية: 35.
(2) يريد العطف بالجزم على "تقربا"وله استشهد ببيت امرئ القيس.
والأحسن ما ذكرته أولاً، ويكونا منصوب بإضمارِ أنْ.. واَنْ مع الفعل في تأويل المصدر، وهو معطوف على المصدر المتوهم من الفعل المقدم، والفاء هنا عاطفة، وأن لا تظهر، ومَنْ جَعَلَ الفاء هِي النّاصبة، هذا يريد أنها قامت مقام الناصب، فصارت كأنها الناصبة، وإن لم ير هذا فهو قول فاسد.. (146) .
ما اسْتَشْكل إعرابه
أورد ابن أبي الربيع قراءة غير سبعيه في الآية الكريمة: (ياَ أيّها النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) بفتح الميم في "مَنْ "اسماً موصولاً وقبلها "الذين "فالموصولان تواردا على صلة واحدة، هي شبه الجملة "قَبْلِكُم ل" وقد أورد هذا الإشكال أبو القاسم الزمخشري في كشافه عند تعرضه للقراءة المذكورة آنفاً، فقرر أن هذا من باب االإقحام، فقد أُقْحِم الموصولُ الثاني بين الموصول الأول "الذين"وصلته "قبلكم ": تأكيداً، كما أَقْحم جريرٌ في قوله:
يا تيم- تيمَ- عَدىٍّ لا أيا لكم
تَيمْاً الثاني بين الأول وما أضيف إليه (1) .