ولم يسلم هذا التوجيه للزمخشري، بل رده أبو حيان لمخالفته القياس، إذ القياس تكرار الموصول مع صِلَتِهِ لأنها من كماله.. وخرج الآية على جعل "قبلكم"صلةً للموصول الثاني "مَنْ"و"مَنْ" خبرُ مبتدأٍ محذوف، وذلك المبتدأ وخبره صلة للموصول الأول، وهو "الّذينَ "، والتقدير: والذين هم مَن قبلكم (2) .

أما ابن أبي الربيع فقد قرر الإشكال على مقتضى ظاهر القراءة، لكنّه خرجها على وجه أقرب مأخذ وأحسنَ في الحمل، فقال:

(وأمّا (والذينَ مَنْ قبلكم) فمشكلة، وهي عندي بمنزلة قول زهير:

لَدَى حيثُ أَلْقَتْ رحْلَها أمُّ قشعم

ــــــــــــــ

(1) ينظر الكشاف 1/228.

(2) ينظر البحر المحيط 1/ 154، والدر المصون1/187.

المعنى- والله أعُلَمُ- لَدَى إلقاءِ أم قَشْعِمِ، فأتى بلدى وحيثُ والمعنى واحدٌ، ثم جاء بعدَ حيثُ بجملةٍ في مَوْضِعِ خفضٍ دلّت على مخفوضِ لَدى، ولدَى تطلبُ مخفوضاً، وحيثُ تطلبُ جُملة في موضع خفضٍ، فأتى بالجملةِ لحيثُ ودَلّ على مخفوضِ لدَى، فقولك: (والّذين مَنْ قبلكم) الّذين ومَنْ معناهما واحدٌ، فكأنَّ مَنْ بدلٌ مِن الّذين، وكِلاهما يَطْلبُ الصِّلَة فأتوا بالصلةِ لِمَنْ فَدَلّت على صِلةِ الّذين. وقد تحذفُ الصِّلةُ إذا عُلِمَتْ.

وهذا تعليلٌ ما سُمِعَ ولا يُقالُ بالقياس، وإذا تَتَبَّعْتَ مَا قَلْتُ لكَ وجَدْتَهُ.

المبحث الرابع

المسائل الصّرفيّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015