وأما ما تعرض له الحسن من القتل والاعتداء فإنه يعود إلى أسباب تتصل بظروف القتال والصلح مع معاوية حقيقة أو إشاعة كما مر، ولكن الفشل الذي أصاب جانب الحسن لم يؤد إلى انهيار قوته ويدفعه إلى مصالحة معاوية كرها، وظل زمام الموقف في جانبه بيده ويد أنصاره، وكانت جبهته العسكرية قوية كما جاء في رواية البخاري والروايات الأخرى، وهزم المرجفون وقتل الرجل الذي قام بالاعتداء عليه، وتقدم هو من بعد ذلك واجتمع بمعاوية ولو لم يكن الحسن مرهوب الجانب لما احتاج معاوية إلى أن يفاوضه ويوافق على ما طلب من الشروط والضمانات، ولكان عرف ضعف جانب الحسن وانحلال قوته عن طريق عيونه، ولدخل الكوفة من غير أن يكلف نفسه مفاوضة أحد أو ينزل على شروطه ومطالبه.
وتفوق جانب معاوية على الحسن لأمراء فيه، فهل صالح الحسن معاوية بهذا السبب؟.
قال ابن تيمية في منهاج السنة [113] :… وإذا قال القائل إنما ترك الحسن القتال للعجز لأنه لم يكن له أنصار، فكان في المقاتلة قتل النفوس بلا حصول المصلحة المطلوبة، قيل له، وهذا بعينه هو الحكمة التي راعاها الرسول صلى الله عليه وسلم في النهي عن الخروج على الأمراء، وندب إلى ترك القتال في الفتنة، وإن كان الفاعلون لذلك يرون أن مقصودهم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
وإضافة إلى ذلك، فقد كان بمقدور الحسن أن يقاتل معاوية بمن كان معه وإن كان أقل ممن كان مع معاوية صنيع الذين قاتلوا خصومهم على قلة من كان معهم من الأعوان والأنصار، ولكن الحسن كان ذا خلق يجنح إلى السلم وكراهة الفتنة ونبذ الفرقة، وجعل الله به رأب الصدع وجمع الكلمة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار إلى ذلك فقال: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" [114] .
شروط الصلح بين الحسن ومعاوية: