وقد يبدو الفرق في اتجاه هذه الروايات مثل ما بين العلة والمعلول، ومع ذلك فإن التجاوب بين هذه الروايات موجود، فالحسن ميال إلى السلم والصلح كراهية للفتنة والفرقة وإراقة دماء المسلمين وهو ما أشارت إليه الطائفة الأولى من الروايات، وقد يعترض على ذلك من يحتج باستعدادات الحسن العسكرية وخروجه للقاء معاوية، وهناك من يعتذر عن الحسن ويقول إنه كان لا يرى القتال وإنما خرج مكرها، وسواء كان الحسن في خروجه مكرها أم غير مكره، فلا يعقل أن يظل قاعدا في عقر داره بالكوفة حتى يدخل عليه معاوية بالجيش، هذا وقد كان من حول الحسن كثرة من الناس كثيرة كانت تريد لقاء معاوية، وعندما دخل معاوية بجيشه أرض العراق، وجد بإزائه من مقدمات الحسن وجيشه عددا كبيرا وصفه البخاري في صحيحه (كتائب أمثال الجبال) ولكن ما أن أرسل معاوية يطلب الصلح حتى وجد الحسن يساند التئام الجماعة ووحدة الكلمة، ومما جاء في الرواية عند البخاري في صحيحه [112] : ... فقال عمرو بن العاص إني لأرى كتائب لا تولّي حتى تقتل أقرانها، فقال معاوية.. وكان والله خير الرجلين، أيْ عمرو: إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، من لي بأمور الناس، من لي بنسائهم، من لي بضيعتهم، فبعث إليه رجلين من قريش من بنى عبد شمس عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله ابن عامر بن كريز فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه، فأتياه ... إلى قوله- فصالحه (أي صالح الحسن معاوية) .