اختلفت الروايات حول صاحب المبادأة في الصلح، فذكرت بعض الروايات أن الحسن هو الذي بدأ معاوية بالصلح، ولكن رواية البخاري السابقة الذكر نسبت المبادأة إلى معاوية، ورواية البخاري مقدمة على غيرها من الروايات [115] ، ومعاوية باتفاق الروايات كان يتمتع بتفوق جانبه على الحسن، وهو الآن بجيشه في العراق، وعرض الصلح من جانبه ومحادثة الحسن عن التنازل له عن الخلافة أمر ينسجم مع الموقف المتفوق الذي كان ينفرد به دون الحسن، وينسجم أيضا مع وضع الحسن الذي يقتضي عدم التعجل حتى يأخذ ما يستطيع من الضمانات من معاوية.

وبعد المفاوضات بين الحسن ووفد معاوية، قيل التقى الحسن ومعاوية في مسكن فاصطلحا ثم سارا إلى الكوفة [116] ، وقيل: التقيا على منزلة من الكوفة ثم دخلا الكوفة [117] ،

وقال الشعبي [118] : وكان ممن شهد اللقاء وحضر الصلح، إنهما التقيا بالنخيلة [119] .

وبخصوص شروط الصلح ذكر الزهري أن الحسن كتب في صحيفة بعث بها إلى معاوية الشروط التي أراد من معاوية أن يعطيه إياها، وكان معاوية قد بعث هو الآخر بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها ليكتب الحسن ما شاء فيها من الشروط، فكتب الحسن أضعاف ما كان قد سأل معاوية أن يعطيه في الصحيفة التي بعثها إلى معاوية، فلما وقعت صحيفة الحسن بيد معاوية وطالب الحسن عند لقائه بمعاوية أن يفي له بالشروط التي شرط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله، لم ينفذ معاوية للحسن شيئا من ذلك وقال له: لك ما كنت كتبت إليّ أولا تسألني أن أعطيكه [120] .

ولكن المفاوضات المباشرة التي جرت بين الحسن ووفد معاوية، وتناولت أمورا تحددت بين الجانبين، وتحدث البخاري عنها في روايته، تنفي شبهة استمرار وجود عروض سلمية عائمة أو مفتوحة، ولكن ماذا طلب الحسن إلى معاوية أن يعطيه؟.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015