وقيل إن الحسن خطب وذكر رأيه وإيثاره السلامة، ومما قاله: أيها الناس، إنكم قد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت، والله لقد أصبحت وما أنا محتمل على أحد من هذه الأمة ضغنة في شرق ولا غرب، ولما تكرهون في الجماعة والأمن وصلاح ذات البين خير مما تحبون من الفرقة والخوف والتباغض والعداوة، فلما سمع الناس ذلك وقع في قلوبهم أنه خالع نفسه لمعاوية فشق عليهم ذلك وقد بايعوه على الموت فثاروا به وقطعوا عليه كلامه وخرقوا عليه سرادقه، وطعنه رجل اسمه سنان بن الجراح الأسدي وهو ممن يرى رأي الخوارج، طعنه طعنة أشوته وانصرفوا عنه.

ثم تتابع الرواية الحديث فتذكر أن الحسن أرسل إلى معاوية يسأل الأمان للناس وأموالهم وأولادهم ونسائهم لقاء البيعة له [107] .

ويبدو أن خطبة الحسن الآنفة الذكر وما جاء فيها كانت في أثناء مقام الحسن بالمدائن وبعد حضور رسل معاوية إليه بقصد الصلح بين الجانبين.

وهناك روايات أخرى تذكر أن ميل الحسن إلى الصلح كان للظروف الصعبة التي كان يمر بها.

جاء في رواية إسماعيل بن راشد ورواية عوانة بن الحكم أن الحسن لما نزل المدائن وبعث قيس بن سعد على المقدمات صرخ في الناس صارخ، ألا إن قيس بن سعد ابن عبادة قد قتل، فثار الناس فانتهبوا سرادق الحسن، وطعنه رجل من الخوارج، فوثب الناس على الخارجي فقتلوه، فلما رأى الحسن تفرق الأمر عنه كتب إلى معاوية في الصلح، وقيل إن الحسين اعترضه وقال: نشدتك الله أن تصدّق أحدوثة معاوية وتكذّب أحدوثة علي، فقال له الحسن: اسكت فأنا أعلم بالأمر منك [108] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015