وبعد أن سار معاوية إلى العراق وخرج الحسن من الكوفة للقائه، تتباين الروايات حول ما جرى في جانب الحسن وأدى به إلى مصالحة معاوية.
قال الزهري: كان الحسن لا يرى القتال، ولكنه يريد أن يأخذ لنفسه ما استطاع من معاوية ثم يدخل في الجماعة، وعرف أن قيس بن سعد لا يوافقه على رأيه فنزعه عن الجيش وأمر عبيد الله بن عباس عليه [102] .
وقيل كان الحسن ينهى أباه عن القتال ويشير عليه بتركه وكان أكره الناس للفتنة [103] .
وقيل عن علي بن أبي طالب أنه قال فيه: أما حسن فصاحب جفنة وخوان وفتى من الفتيان ... [104] .
فهذه الروايات وأمثالها تشير إلى ما كان عند الحسن من الميل إلى السلم والكف عن القتال والكراهة للفتنة.
والروايات عن ميل الحسن إلى السلم لا تقف عند هذا الحد وتذهب إلى أبعد من ذلك.
قال الزهري: بايع أهل العراق الحسن بن علي بالخلافة، فطفق يشترط عليهم إنكم سامعون مطيعون، تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتاب أهل العراق في أمرهم حين اشترط عليهم هذا الشرط وقالوا: ما هذا لكم بصاحب، وما يريد هذا القتال، فلم يلبث الحسن بعد ما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته، فازداد لهم بغضا وكتب إلى معاوية بشروط ويطلب الصلح [105] .
وذكر المقدسي في البدء والتاريخ بسند جمعي أن الحسن نظر إلى ما يسفك من الدماء وينتهك من المحارم، فقال لا حاجة لي في هذا الأمر، وقد رأيت أن أسلمه إلى معاوية فيكون في عنقه تباعة هذا الأمر وأوازره، ورفض الحسين ذلك وقال له: أنشدك الله أن تكون أول من عاب أباه ورغب عن رأيه، فغضب الحسن، ولم يلبث الحسين أن تابعه [106] .