وأما فيما يتعلق بموقف معاوية، فالرواية تقدم بعض الأبعاد الجديدة في موقف معاوية وأهمها، أن معاوية لا يرى الحسن في مثل ضبطه للأمور وحيطته وقيامه عليها وليس الحسن مثله في حسن سياسته ومكايدته للعدو، والثاني: أن خلافة الحسن بسبب خلافة علي وحقه فيها لم تعد بهذا السبب ملزمة لمعاوية بعد ما جرى خلع علي في مؤتمر التحكيم حسب قول الرواية.

وموقف هذا شأنه بين الجانبين لابد إذا ظل كل طرف متشبثا بموقفه أن يفضي إلى الحرب.

وبعد أن وجه معاوية بكتابه إلى الحسن، قال ابن أعثم: ودعا معاوية الضحاك ابن قيس واستخلفه على الشام، وجمع ستين ألفا وخرج يريد العراق، وحسب قول اليعقوبي، كان خروج معاوية إلى العراق بعد مقتل علي بن أبي طالب بثمانية عشر يوما [97] .

ولكن بعض الروايات تذكر أن معاوية تعرض للقتل في اليوم الذي قتل فيه علي ابن أبي طالب، ولكن السيف وقع في أليته، وعولج حتى برأ [98] ، ولابد أن معاوية حتى برأ، وصحّ عنده مقتل علي واستخلاف الحسن احتاج إلى مدة أطول مما ذكر اليعقوبي حتى يجمع معاوية أطرافه ويسير بالجيش إلى العراق، ولعل اليعقوبي وَهِمَ فيما قال أو أنه قصد وصف معاوية بالاستعجال ليظهر مدى حرصه على الإمارة وحبه في الحكم.

وعلى أية حال، فإن مسير معاوية إلى العراق يريد الحسن أمر قد جرى بلا خلاف بين الروايات [99] .

ويبدو أن معاوية بعد موت علي بن أبي طالب، تحلّل من الهدنة التي كان عقدها مع علي لوضع الحرب بينهما، فخرج يريد العراق.

أما في جانب الحسن، فقيل لما سمع بمسير معاوية سار نحو المدائن يريد لقاءه، وجعل على الجيش عبيد الله بن العباس، وكان عدد أفراد الجيش أربعين ألفا قيل كانوا أطوع له وأحب إليهم من أبيه [100] ، وجعل على المقدمات قيس بن سعد بن عبادة وعدتها اثنا عشر ألف رجل [101] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015