وتمضي رواية ابن أعثم فتقول إن معاوية بعث بكتاب إلى الحسن جوابا على كتابه رد فيه عن المسلمين بعامة والمهاجرين والأنصار بخاصة ما فرقوا به من دفع الخلافة عن آل محمد، وإنهم وضعوها في أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التفت إلى الحسن فقال يخاطبه في كتابه إليه:… فالحال بيني وبينك على ما كانوا عليه، ولو علمت أنك أضبط لأمر الرعية وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأكيد للعدو، وأقوى على جميع الأمور، لسلمت لك هذا الأمر بعد أبيك، لأني قد علمت بأنك إنما تدعي ما تدعيه نحو أبيك، وقد علمت أن أباك سار إلينا فحاربنا، ثم صار من أمره إلى أن اختار رجلا واخترنا رجلا ليحكما بما يصلح عليه أمر الأمة وتعود به إلى الألفة والجماعة وأخذنا على الحكمين بذلك عهد الله وميثاقه وأخذا منا مثل ذلك على الرضا بما حكما، ثم إنهما اتفقا على خلع أبيك فخلعناه، فكيف تدعوني إلى أمر إنما تطلبه بحق أبيك، وقد خرج أبوك منه؟ انظر لنفسك أبا محمد ولدينك والسلام [96] .
واتهام الصحابة على لسان الحسن بن علي في رواية ابن أعثم يدحض الثقة بهذه الرواية في هذه القضية، إذ لا يعقل أن يعرّض الحسن، وهو من هو، أن يعرض بالصحابة ويرميهم بالظلم والجور ومجانبة الحق، فضلا عن أن عام 40 هـ لم تتحدد فيه بعد هوية الأحزاب والفرق المذهبية، ولم تتضح معالم القواعد والدعاوى الكلامية لها أو تتبلور مقالاتها على نحو المحاورة التي تديرها الرواية على لسان الحسن ولسان معاوية.
والرواية من بعد ذلك تُعدُّ فيما يتعلق بموقف الحسن من معاوية امتداداً للروايات التي سبق أن تحدثت عن موقف علي بن أبي طالب ودعوته معاوية إلى البيعة والطاعة باعتبار علي بن أبي طالب هو الخليفة الشرعي، وتغفل الرواية الأوضاع الجديدة التي أعقبت قتل علي بن أبي طالب.