ولعل اتهام الأشعث بن قيس بالتواطؤ على قتل علي بن أبي طالب يتصل بما قيل عن مواقف الأشعث السابقة، قيل لما رفعت المصاحف في صفين ودعا أصحاب معاوية إلى التحكيم كان الأشعث أكثر الناس تحمسا لوقف القتال وقبول التحكيم، وقيل كان الناس يرون الأشعث يرى رأي الخوارج، ولم يتبينوا مباينته لهم إلا عندما دعا إلى المسرى إلى حربهم في النهروان [82] .

وعندما حض علي بن أبي طالب أهل العراق على المسير بعد النهروان إلى حرب معاوية وأهل الشام، لم يوافقه الأشعث بن قيس وأجابه بقوله: يا أمير المؤمنين نفذت نبالنا، وكلّت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا، فارجع إلى مصرنا فلنستعد بأحسن عدتنا ... وانكسر على علي رأيه في المسير [83] .

وأما اليعقوبي، فإنه يذهب أبعد من ذلك ويتهم الأشعث أنه كان ممالئا لمعاوية، وإن معاوية استماله إلى جانبه [84] .

ويبدو أن ضعف حماسة الأشعث لحرب الشام من بعد صفين جعل البعض يتهمه هذا الاتهام، ومات الأشعث من بعد مقتل علي بأربعين ليلة، وصلى عليه الحسين بن علي بن أبي طالب [85] ، وهو زوج بنت الأشعث بن قيس [86] ، ولم ينقل عن آل علي بن أبي طالب أنهم اتهموا الأشعث بهذه التهمة أو كشفوا أحدا من آل الأشعث بهذا السبب، ويظل قتل علي عملا من تدبير الخوارج جاء في الأرجح ثأرا لقتلى النهروان.

استخلاف الحسن بن علي ومصالحة معاوية:

ولما ضرب علي بن أبي طالب الضربة التي مات فيها، قيل له يا أمير المؤمنين، إن فقدناك ولا نفقدك فنبايع الحسن؟ فقال: ما آمركم ولا أنهاكم [87] .

وبويع الحسن بعد وفاة أبيه بيومين في شهر رمضان من عام أربعين للهجرة [88] ، وقيل كان قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري أول من بايعه ثم تتابع الناس وبايعوه [89] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015