ولما لم تُجْدِ المحاولات التي جرت بين علي ومعاوية سلمية كانت أو عسكرية في توحيد الصف وجمع الكلمة، ذكر أبو جعفر الطبري أن المكاتبات جرت بين الجانبين لوضع الحرب، ويكون لكل واحد منهما ما بيده من البلاد، قال أبو جعفر: وفي هذه السنة أي سنة أربعين للهجرة، جرت بين علي ومعاوية المهادنة، بعد مكاتبات جرت بينهما يطول بذكرها الكتاب، على وضع الحرب بينهما، ويكون لعلي العراق ولمعاوية الشام، فلا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجيش ولا غارة وتراضيا على ذلك [78] ، ولكن المهادنة لا تذكر شيئا عن مصر التي كانت قد دخلت في طاعة معاوية قبل ذلك، وإذا صح وقوع مهادنة فإن ذلك كان من قبيل قبول علي بإمرة معاوية على ما بيده من البلاد.
وبينما كان علي بن أبي طالب يدخل مسجد الكوفة لصلاة الصبح من شهر رمضان لسنة أربعين للهجرة، تعرض لعملية قتل نفذها ضده رجل اسمه عبد الرحمن بن ملجم المرادي الكندي توفي على أثرها بعد يومين [79] ، فهل كان وراء ذلك أحد؟.
ذهبت بعض الروايات إلى اتهام الأشعث بن قيس، قال اليعقوبي [80] : إن عبد الرحمن بن ملجم نزل على الأشعث بن قيس، فأقام عنده شهرا يستحد سيفه.
وذكر ابن سعد في الطبقات [81] قال: وبات عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليا صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس في مسجده حتى كاد أن يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فَضَحَك الصبح، فقام عبد الرحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي.