والمذهب الرابع: التفريق بين ما يُلبس وما لا يُلبس، فمنعوا التعجب مباشرة من الأول دون الثاني، كراهة أن يلتبس، وهذا هو السبب الذي زعم عبد القاهر: أنه لم يقف على غيره عند أهل العربية [119] .

قال محمد بن بدر: "إنما لم يتعجبوا من "ضُرِبَ زيدٌ"وأشباهه إلا بالزيادة، كراهة أن يلتبس، ففرقوا بين التعجب من فعل الفاعل وفعل المفعول، وذلك انهم فرقوا بين فعل الفاعل وفعل المفعول في غير التعجب، وأرادوا أن يفرقوا بينهما أيضا في التعجب، فلو قالوا في "ضُرِبَ زيدٌ": ما أضرب زيدا! ", لالتبس فعل الفاعل بفعل المفعول، فأتوا بالزيادة، ليصلوا إلى الفرق بينهما" [120] ، وقال ابن الحاجب: "لأنهم لو فضّلوا على المفعول دون الفاعل لبقيت كثير من الأفعال لا يتعجب منها، وغرضهم التعميم، ولو فضلوا عليها جميعاً لأدى إلى اللبس، فلم يبق إلا التعجب من الفاعل، ولأن الفاعل هو المقصود بالنسبة في المعنى، والمفعول فضلة، فكان ما هو المقصود أولى، وهذا معنى قول سيبويه: "وهم ببيانه أعنى"، يعني: أنهم يعنون بالفاعل دون المفعول، حتى لا يذكرون فعلاً إلا ويذكرون له فاعل، أو ما يقوم مقامه، حرصا على بيان الفاعل عندهم، فلما تعجبوا، كان الأولى عندهم أن يجعل التعجب له لذلك [121] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015