"ومما يدل على فساد ما ذهبوا إليه أنهم يقولون: ما أعطاه للدراهم، وأكساه للثياب "، وهذا من " أعطى"و"كسا"المتعدي، ولا يصح تقدير نقله إلى "عطو": إذا تناول، ثم أدخلت عليه همزة التعدية، لفساد المعنى، فإن التعجب إنما وقع من إعطائه لا من عطوه وهو تناوله، والهمزة التي فيه همزة التعجب والتفضيل، وحذفت همزته التي في فعله، فلا يصح أن يقال: هي للتعدية" [84] .
وردوا على استدلالهم بتعدية فعل التعجب للمفعول الثاني باللام بأن قالوا: "الإتيان باللام ههنا ليس لما ذكرتم من لزوم الفعل، وإنما أتي بها تقوية له لما ضعف بمنعه من التصرف، وأُلزم طريقة واحدة، خرج بها عن سنن الأفعال، فضعف عن اقتضائه وعمله فقويَ باللام كما يقوى عند تقدم معموله عليه، وعند فرعيته، وهذا المذهب هو الراجح كما تراه " [85] .
واللام هذه لام التقوية لا لام التعدية، وهي التي تزاد لتقوية عامل ضعف إما بتأخره، نحو: {هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [86] ونحو: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} [87] أو بكونه فرعاً في العمل، نحو: {مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ} [88] ، و {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [89] و {وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} [90] "ونحو: ضربي لزيدٍ حَسَنٌ.
وقد منع ابن مالك زيادة لام التقوية مع عامل يتعدى لاثنين، وعُد من الشاذ - لقوة العامل - قول ليلى الأخيلية:
ولا الله يعطي للعصاةِ مُناها [91]
أحجَّاج لاتعطي العُصاة منَاهم