وقد رد على اعتراض ابن ولاّد بأن المفعول- وإن قام مقام الفاعل في أنا نحدِّث عنه كما نحدث عن الفاعل- فنحن نعلم أنه مفعول في الأصل، فكيف يقال: أقمه مقام المفعول؟!. وأيضاً فإن أقمناه مقام المفعول، فإن الفاعل هو المحدث للفعل، وليس كذلك ما يقوم مقامه [80] والشيء إذا شُبه بالشيء من جهة لا يلزم أن يشبه به من كل الجهات، ثم "إن المفعول لا تأثير له في الفعل الذي يحل به، حتى يتصور فيه الزيادة والنقصان" [81] .
فإن جاء عن العرب ما ظاهره أنه تعجب من فعل المفعول نحو: "ما أجَنَّه! "فيقال فيه: إنه حُملِ على المعنى، لأن الجنون داخل "في حيز الأوصاف التي لا تكون أعمالاً، وإنما تكون خصالا في الموصوفين ... فحمل "جُنَّ زيدٌ"على المعنى، لأن العرب تشبه الشيء بالشيء، ويحمل على المعنى إذا وافقه واقترب منه، فمن ذلك قولهم: "حاكم زيدٌ عمروٌ"برفع الاثنين جميعاً، لأن كل واحد منهما فاعل ... " [82] .
ج - عدم استقامة أدلة المانعين في نظرهم، إذ قالوا: "وأما تقديركم لزوم الفعل، ونقله إلى (فَعُلَ) فتحكُّم لا دليل عليه، وما تمسكتم به من التعدية بالهمزة ... إلى آخره". فليس الأمر فيها كما ذهبتم إليه، والهمزة في هذا البناء ليست للتعدية، وإنما هي للدلالة على معنى التعجب والتفضيل فقط، كألف (فاعل) ، وميم "مفعول"، وواوه، وتاء "الافتعال"، و"المطاوعة"، ونحوها من الزوائد التي تلحق الفعل الثلاثي لبيان ما لحقه من الزيادة على مجرده، فهذا هو السبب الجالب لهذه الهمزة، لا تعدية الفعل" [83] .