ويصاغ مصدر المبنيِّ للمفعول على زنة مصدر المبني للفاعل تغليباً للثاني، لكثرته، أو استغناءً به، وقد ورد في كتاب الله مصادر ظاهرها أنها من المبني للمجهول، ومن ذلك قوله تعالى: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} [70] ، {كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين} [71] "، {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [72] ، و {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} [73] ، و {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاة} [74] ، الأصل: أن تُفعَل الخيرات. و {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [75] ، و {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [76] ، و {فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ} [77] ، و {لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ} [78] .
فنسبة المصادر إلى فعل المفعول مسألة فيها خلاف، كما تقدم، ولكن هذه المصادر كلها مصادر للمفعول، ونكتفي بشرح "رهبة"ف "رهبة" مصدر "رُهِبَ "المبني للمفعول، كأنه قيل: أشد مرهوبية، فالرهبة واقعة منهم لا من المخاطبين، والمخاطبون مرهوبون، وهذا كما قال:
وقيل: إنك مأسور ومقتول
فلهو أخوف عندي إذ أكلمه
ببطن عثَّر غيل دونه غيل
من ضيغم بثراء الأرض مخدعه
فالمخبر عنه مخوف لا خائف [79] .
فحصلت إضافة المصدر إلى المفعول، ولم يمنع اللبس، وما دامت الأفعال فروع المصادر، فما المانع من نسبة الفعل إلى المفعول في التعجب، وخاصة إذا أمِنَ اللبس، وظهر المعنى؟.