أقول لا أجد هؤلاء المؤلفين - المسلمين - يذكرون شيئا من الأمثلة التربوية الإسلامية بل يملأون كتبهم بأسماء علماء الغرب وذكر نظرياتهم والمقارنة بينها وترجيح بعضها على بعض، مفتخرين بها, ناسين ما في تراثهم الإسلامي من ثروة عظيمة، كان من الواجب عليهم أن يدرسوها وينقلوها للناس ليخرجوهم بها من الظلمات إلى النور مع الاعتزاز بها، لأنها فخر آبائهم وأجدادهم قبلهم، وسبب بقاء مجدهم وعزهم في حاضرهم ومستقبلهم. والصالح الذي يفتخرون به في كتب علماء الغرب يوجد في الإسلام ما هو أكثر صلاحا منه وأقرب تناولا وأعظم فائدة. والفاسد الذي في كتبهم يوجد في الإسلام ما يبين فساده أو فساد أشباهه مع إقامة الحجج والبراهين على ذلك، ولكن ليت قومي يعلمون. والسبب في كل ما مضى من فساد الأنظمة وإقصاء الدين عن الناشئين من أبنائه والغفلة عن التربية الإسلامية، هو عدم الاختيار الموفق للمسؤولين عن التعليم من أعلى موظف إلى أصغر موظف، ولو أحسن الاختيار لكانت النتائج حسنة مرضية، ولكان الجيل قويا قائما بأعباء مسئولية الوقت، ولكن القوم سلكوا للعزة - إن كانوا أرادوها - غير مسلكها، وأخذوا لبابها مفتاحا غير مفتاحه، فمكانوا كما قيل:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس