بين الرضا والغضب [1]
للشيخ محمد المَجذوب
لُمِس الزندُ فاشتعَلْ خُلُقي ذاك أم مَثَلْ
هكَذا صاغني الذي بَرَأ الخلق في الأزل
كلما قلت "هدأة" أيها النفس لم تُبَل
وقبيح بعاقل بعد ستينَ أن يُزَل
غير أني لحكمة غبتُ عنها ولم أزل
لم تدع في الأناة لي حين تهتاج - من أمل
ولكم بت نادماً غِبّ إيثارها العَجَل
فتوقعت بعدها أن تُصَفّى من الخَطَل
وانتصارُ النهى على أثر الهَفْوِ مُحْتَمَل
لكن الطبعُ غالبٌ ليس يُجدي به الجدل
فإذا ما قسرته راح يستنبط الحيل
فأنا منه في لَظَى محنة أمرُها جَلَل
ليس لي منه مَخْلَص أو مُريح سوى الأجل
ليت شعري، وقد طغى ذلك الخطب بي وجلْ
ألِخيرٍ أريدَ لي أم هو الشر.. أم لعل؟
فإلى الله وحده أشتكي هذه العِلل
وصراعا أخوضه كاد عَزمي به يُفَل
بين طبعي ومنطقي منه ما يشبه الخلل
غضبٌ يحجب النهى ورضىً يُعقب الخجل
وأنا بين ذا وذا في أسىً ليس يُحتمل
معرك من يَفُزْ به فهو - لا غيرهُ - البَطَلْ
--------------------------------------------------------------------------------
[1] من ديوان (همسات قلب) الذي يصدر قريبا.