وإنما لم يشترط هؤلاء الضمير في بدل البعض من حيث هو ضمير، وإنما اشترطوه من حيث هو رابط. فإذا وجد الربط بدونه حصل الغرض من غير وجوده وهنا الربط متحقق بدونه، وذلك لأن إلا وما بعدها من تمام الكلام الأول وإلا لإخراج الثاني من الأول فعلم أنه بعضه فحصل الربط بذلك ولم يحتج إلى الضمير [73] ، كما أن قوة تعلق المستثنى بالمستثنى منه تغنى عن الضمير كالباء [74] .
معمول الصفة المشبهة:
يشترط في معمول الصفة المشبهة أن يكون سببياً. أي إسماً ظاهراً متصلاً، بضمير يعود على الاسم السابق، وهذا الضمير هو الرابط مثل محمد جميل صوته فالضمير في صوته رابط يعود على محمد، ولو قلت: محمد جميل لكان في جميل ضمير يعود على محمد.
والرابط في معمول الصفة المشبهة لابد من وجوده مذكوراً كما سبق أن أشرت. وقد يكون محذوفاً مثل محمد جميل الصوت أي منه فالرابط ولم يكن موجوداً في اللفظ فهو محذوف. هذا رأي البصريين [75] وسيأتي في مكان لاحق رأي للكوفيين حول: عدم وجود الضمير لفظاً.
ثانياً: الربط بالاسم الظاهر
الأصلي أن الاسم الظاهر متى احتاج إلى إعادته في جملة واحدة كان الاختيار ذكر ضميره مثل القرآن قرأته وقد ظهر في بعض التراكيب العربية أن أعيد الاسم السابق بلفظه فحل محل الربط بالضمير والربط بالاسم الظاهر وقع في الجملة الخبرية وجملة الصلة والتوكيد.
أ - الجملة الخبرية:
سبق أن أشرت إلى أن الجملة الخبرية تربط في الأصل بالضمير، وقد يحل الظاهر محل الضمير فيكون رابطاً، وقد أجاز النحاة وسيبويه [76] وضع الظاهر موضع الضمير قياساً إن كان في معرض التفخيم والتعظيم مثل قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} [77] ، وقوله: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ} [78] فالحاقة مبتدأ، وما لحاقة جملة خبرية وقد ربط بينها وبين المبتدأ بإعادته بلفظه خبراً للمبتدأ الثاني.