الضّوابط الأخلاقيّة للاقتصاد الإسلامي
بقلم الدكتور محمود بابللي
الاقتصاد والدين الإسلامي
قد يستغرب البعض ممن تأثروا بالثقافة الغربية، ولم يكن لهم حظ الاطلاع على الثقافة الإسلامية، أن يكون في الإسلام نظام اقتصادي خاص به.
وهذا الاستغراب لا يستبعد من أناس جهلوا حقيقة الإسلام وحسبوه دينا تقتصر علاقته على الأمور التعبدية وذلك حسب مفهومهم للدين الذي أخذوه عن المفهوم الغربي.
أما ما يجب أن يستغرب منهم - وهم أدعياء التقدمية - أن يكون حكمهم على الدين الإسلامي أنه مجرد دين تعبدي تقتصر تعاليمه على الصلة بين الله والإنسان، دون أن يكلفوا أنفسهم بدراسة هذه التعاليم، لذلك يأتي حكمهم مشوبا بالجهالة بهذا الدين الحنيف.
وجهل هؤلاء الناس بالإسلام يجعلهم أعداء له فيقدمون على إصدار حكمهم عليه دون تبصر أو اطلاع شأن الجهال عندما يصدرون أحكامهم على شيء دون معرفة.
فالدين الذي ينظم أمور أتباعه، بل أمور الإنسانية قاطبة، في كل مرافق الحياة، ولا يقطع الصلة بين هذه الحياة الدنيا، وما بعد هذه الحياة, لا يمكن أن يكون دينا تعبديا صرفا لا شأن له بأمور المعاملات وتنظيمات الدولة، وإن كان من أهم مبادئه توحيد الله وإخلاص العبودية له، هذا الإخلاص الذي هو في صلاح المؤمنين به دنيا وأخرى، لأن من أخلص عبادته لله استقام أمره وطابت سريرته وحمدت مغبته.
وعلى هذا لا يعقل أن يكون الدين الإسلامي ناظما لشؤون الدنيا والآخرة ولا يكون متضمنا نظاما اقتصاديا خاصا به متميزا عن غيره.
والأمور الاقتصادية في الإسلام تدخل في قسم المعاملات من الفقه الإسلامي، وقد فصل الفقه الإسلامي هذه المعاملات تفصيلا دقيقا، وكانت موضع التطبيق في العالم الإسلامي من لدن قيام الدولة الإسلامية حتى قبيل الحرب العالمية الأولى.