مثال آخر نرى فئاماً من المسلمين إلى اليوم قد صدقوا بعض الجهال في خرافتهم وتزييفهم للحقائق الذين يزعمون أنهم لا يعبدون الله خوف ناره، فهذه في زعمهم عبادة العبيد، ولا من أجل جنته فهذه عبادة التجار، وإنما عشقوه لذاته، ولم تندفع هذه الفئام في تصديق هذا الهراء إلا لأنهم في سبات روحي عميق، وإلا فالخشية من ذي الجلال والرغبة فيما عنده من عليا مراتب الإيمان بل من شأن الرسل العظام، اقرأ إن شئت قوله تعالى في حق زكريا عليه السلام وأهل بيته: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً} , ثم قال جل شأنه بعدها: {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} .
وآخر مثال في هذا مآسي التسعة والتسعين في المائة من الأصوات بل فضلا في التسعة والتسعين في المائة وتسعمائة وتسعة وتسعين في الألف.. ما كان هذا كله ليروج على الناس لولا التخدير الجماعي الذي ساعد على تكوينه الإيديولوجية الملفقة التي تفتأ تزيف الحقائق آناء الليل وأطراف النهار، ثم البطش الجبار وألوان التعذيب والإرهاق.. {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} .
اللهم هب المسلمين يقظة من سباتهم العميق وأزح يا رب الغشاوة عن أبصارهم والريبة عن قلوبهم قبل أن تأخذهم بذنوبهم إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.