"ولكن المقطوع إن أكثر الكتب الفقهية تعامل غير المسلمين عندما يتعلق الأمر بأحكام المعاملات- دعك عن العقائد والعبادات بقدر من الدونية لم يعد يليق بكرامة الإنسان". فهل أراد بقوله هذا أن يفتح المسلمون مساجدهم لغيرهم وأن توحّد المساجد والمعابد والكنائس والكنس؟ وهل أراد أن يجمع بين الوحدانية والثالوث، وبين المساواة بين بنى البشر وفكرة شعب الله المختار [61] ، وبين من يعتقد توحيد الربوبية والألوهية لله وحده ومن يقول: "لا إله والحياة مادة [62] ؟! لقد حاول أحد المتحذلقين أن يوفق بين الإسلام والبوذية قبل خمسمائة عام في الهند فماذا كانت النتيجة؟ مخلوق مسخ عجيب وغريب لا ينتمي إلى هذا ولا إلى ذلك سمي دين السيخ [63] أندحر معزولاً في بعض جهات الهند ونيبال ... والكل يعرف ما آلت إليه البهائية [64] .
لقد التزم الفقهاء الأجلاء بالنصوص في معاملة غير المسلمين- وآراؤهم في جملتها إسلامية عادلة- درسوا كل قضية على حدة في ظل أوضاع إسلامية تطبق فيها أحكام الشريعة. وفي تطبيق أحكام الشريعة ككل تبدو الهنات باهتة كليلة يرتضيها غير المسلم ويأنس بها ويسعد، وهمسة في أذن المتحاملين: كيف عاشت فئات غير إسلامية في المحيط الإسلامي الكبير طيلة عهد الدولة الإسلامية بين الغالبية المسلمة، في حين لم يستطع مسلم واحد العيش في ظل غير المسلمين في الأندلس وصقلية وجنوب إيطاليا وسردينيا وجنوب فرنسا وروسيا الأوربية وأمريكا الجنوبية؟ هل هناك من جواب؟