وأما تعصب المسلم للإسلام فلأنه على حق وعلى قناعة جازمة، فلا يجوز أن يتهم في تعصبه بأنه ذو اعتقاد باطل ينحاز إلى موقف الجماعة دون اختيار ودون تفكير وأنه يستعلي على الآخرين كما وصفه أحد الكتاب ظلماً وعدواناً، إن التعصب للحق موقف الشرفاء من البشر أصحاب العقائد القوية- والتعصب للباطل موقف الجهلة أعداء الإنسان- التعصب الأول فضيلة وواجب، والتعصب الثاني رذيلة ومنكر، التعصب للإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [57] هو لسعادة البشر وهو واجب على كل إنسان مستنير عرف الحق، لأن الحق إن لم يجد من ينصره ويعززه فسيجد الباطل المدعم بالقوة الفرصة أمامه لكي يسيطر ويضرب بجرّانه في أعماق الأرض، والتعصب العنصري والقومي والوطني والقبلي يقف ضد إنسانية الإنسان.
إن الصراع بين الإسلام وغيره في حقيقته صراع عقائدي بدأه أعداؤه من أول ظهوره، والواقع الشرعي يؤكد أن عداء الكفر للإسلام مستمر. قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [58] وهم صف واحد في مهاجمة الإسلام. قال تعالى: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [59] . والرسول –صلى الله عليه وسلم - يؤكد أن الجهاد ماض في أمته إلى يوم القيامة [60] وليس من سبيل إلى عزة المسلمين إلا بالتفاقهم حول عقيدتهم وفهمهم أبعاد الصراع لا بالتنازلات التي تتلوها تنازلات.
وإن تحجب فعجب قول أحد الكتاب المسلمين ضمن حملته على الفقهاء الإجلاّء وعلى المسلمين: