وجعل كسب المال من عبادة الله أو التقرب إليه إذا قصد به المسلم الإنفاق على أهله أو على أرملة أو مسكين، أو قصد إخراج زكاة المال، أو غرس غرسه فأكل منها طير أو إنسان أو حيوان. قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة" [1] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار" [2] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرساً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة" [3] .
وهكذا فرض الإسلام كفالة مشتركة بين أهله، وجعل العجزة والضعفاء والمحرومين موضع تقديركبير، فلم يطالب بإسقاطهم من المجتمع، بل أوجد لهم حمايات وضمانات كاملة، واعتبرهم موضع الرزق والنصر: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم" [4] .
هذا الحث على السعي والعمل يجعل خصومة المسلم مع الحياة بعيدة ولا وجود لها إلا في أوهام أعداء الإسلام والمسلمين فالدنيا مطية للآخرة، وأعمال المسلمين أيام عزّهم دليل على التزامهم بنصوص دينهم، فالثراء الذي حازه عبد الرحمن بن عوف [5] ، والزبير بن العوام [6] ، وطلحة ابن عبيد الله [7] ، وعثمان بن عفان [8] ، وهم من الصحابة- رضي الله عنهم جميعا- وغيرهم كثير. أمثلة على أن الدنيا ليست هدفاً للمسلم ذاتها بل هي مطية للآخرة.
فالمال عند المسلم وسيلة لا غاية، وطريق لا هدف، فالمال لله وحده والإنسان مستخلف فيه، استخلفه للانتفاع به وتوجيهه في سبيل الله ومصلحة الأمة، وكما كرّم الإسلام السعي والعمل قال صلى الله عليه وسلم: "ما أكل أحد طعاماً قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده" [9] . كرّم الإنفاق، فالمال تطهره الصدقة. قال تعالى: