لا ... لخصُوَمةِ المسْلِمِ مَعَ الدُّنيَا وَالنّاس
للدكتور جميل عبد الله محمد المصري
أستاذ مساعد بكلية الدعوة وأصول الدين.
الحمد لله الذي أراد للأمة الإسلامية أن تكون خير أمة أخرجت للناس، وأعز بتأييده وتوفيقه الصادقين الصابرين من عباده المخلصين وصلى الله عليه. سيدنا محمد رسوله الكريم المبعوث رحمة للعالمين وخاتم النبيين. وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد ظهرت في عالم المسلمين المعاصر نغمات منحرفة ناشزة تزعمها عدد من الكتاب المشهورين تتّهم المسلمين بالعصبية والفوقية وبأنهم ينظرون لغيرهم بالدونية، وهذه تعبيرات دخيلة على الإسلام وعلى الفكر الإسلامي وعلى الحضارة الإسلامية، قُصد منها التلاعب بالألفاظ والشعارات ممّن انبهر بالحضارة الغربية بشقيها الرأسمالية والاشتراكية، ومن هؤلاء من تطاول فاتهم المسلم أنّه في خصومة مع الدنيا كما هو في خصومة مع الناس. وكيف يتأتى لمسلم - صحيح الإسلام - أن يكون في خصومة مع الدنيا أوفي خصومة مع الناس وهو يحيا الحياة بكل ما فيها، اختصه الله بخلافة الأرض وأعمارها ونشر الخير فيها، فالإسلام لا يقر الرهبانية ولا الزهادة بمعنى اعتزال الحياة، وليست الزهادة بتحريم الحلال، ولكن الزهادة هي أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وما يسميه الناس من زهد المسلم وتعففه هو التزام بمنهج الإسلام وحسن خلافة في الأرض، فهو يعمل ويجهد نفسه ليقدم خيراً لأمته، طاعة لله إذ حثّ على العمل- قال تعالى:
{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} . سورة الملك: 15.