هذا ... ومن تحصيل الحاصل أن أقرر أن القرآن العظيم أدق وثيقة على وجه البسيطة. فلا يرقى التوراة والإنجيل إلى دقة القرآن وآية ذلك أن هذين الكتابين قد عهد الله بحفظهما للبشر. وهؤلاء إما نسوا حظا مما ذكروا به، وإما كتموا بعض ما لم ينسوا أو حرفوا فيه، وزعموا أنه من عند الله تعالى [55] . فالرسل السابقون كانوا يتلقون الكتب السماوية وهي التوراة والإنجيل والزبور في حالة الوحي معاني، ويعبرون عنها بعد رجوعهم إلى الحالة البشرية بكلامهم المعتاد لهم. ولذلك لم يكن فيها إعجاز [56] . أما القرآن فقد تكفل الله تعالى بحفظه حيث يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} . الحجر: 9. ولا نزاع في أن القرآن قد مزق حجاب الماضي وروى لنا تاريخ الرسل، وحوادث الأمم السابقة [57] .
.. بل أكد القرآن صدق القصص القرآني، وأنه رواية لأخبار حدثت في الواقع دون إضافة أي خبر لم يحدث بقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . يوسف: 111.