وبما أنّ الشريعة الإسلامية قائمة على العدل والإنصاف وتحقيق المصالح الخاصة لأفراد المجتمع الإسلامي بشرط أن لا يتضرر أحد الطرفين بدفع الضرر عن الآخر فهي لا تقر ظلماً ولا تضيع حقاً, فقد نسخت ما كانت تعاني منه المرأة بسبب وفاة زوجها واستبدلته بحكم آخر حفظ حقوق الطرفين أعني الزوج والزوجة على السواء وذلك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرا} (نقدم تخريجه) .

فنسخت السنة المذكورة في الآية الآنفة الذكر بالمدة المذكورة في هذه الآية, وحدّ الشارع للمرأة المتوفى عنها حدوداً وسنّ لها قيوداً في الإسلام, ونسخت القيود التي كانت تعاني منها في الجاهلية وذلك بالأحاديث التي تم ثبتها قريباً قال ابن حجر في الفتح بعد تقريره هذا الحكم نقلا عن ابن دقيق العيد "قال ابن دقيق العيد: "فيه -يعنى الزمن الذي يجب على الحادة في الإسلام- إشارة إلى تقليل المدة بالنسبة لما كان قبل ذلك وتهوين الصبر عليهما ولهذا قال بعده: "وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول" وفي التقييد بالجاهلية إشارة إلى أن الحكم في الإسلام صار بخلافه وهو كذلك بالنسبة لما وصف من الصنيع لكن التقدير: بالحول استمر في الإسلام بنص قوله تعالى: {مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ثم نسخت بالآية التي قبلها وهي {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} "اهـ[56] .

القسم الثاني: الحداد في العصر الحاضر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015