إعلم أنها قد انتشرت في عصرنا الحاضر ظاهرة مخالفة للإسلام التبس أمرها على بعض زعماء المسلمين وهي الحداد وتنكيس الأعلام لوفاة زعيم من الزعماء مدة معينة تقدر غالبا بثلاثة أيام أو سبعة أيام أو ثلاثين يوما أو أربعين يوما أو أكثر أو أقل وبما أن ذلك مخالف لتعاليم الإسلام فالواجب على العلماء تبيين أمر هذه الشبهة لأبناء المسلمين الذين جهلوها أو تجاهلوها, ودحضها بالأدلة الشرعية المستمدة من الكتاب والسنة أداء للواجب على حد قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} . (آل عمران: 110) : وقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} . (آل عمران: 104) وحيث أنني واحدٌ من المتخصصين في علوم الشريعة فقد رَأيتُ أنه من الواجب عليّ القيامُ بهذه المهمة حسب الإمكان؛ لأن أمرها قد شاع وذاع في الأوساط الإسلامية حتى أصبحت من الأمور العادية المألوفة, وصدق القائل حيث يقول: "إذا كثر الإمسَاس قلّ الإحساس"فأقول -وبالله التوفيق-: المسلم هو الذي يطبق أحكام الإسلام بفعل الأوامر واجتناب النواهي, والأحكام الشرعية لا تعرف إلا بالأدلة الشرعية وقد دلت النصوص النبوية والأدلة العقلية وإجماع الصحابة الذين عاشوا أيام الرسالة على أنه لا يجوز العمل بحكم مّا إلا إذا كان له أصل يدل عليه دَليل من الأدلة التي قررها أئمة الفتوى مصدراً للاستدلال, ومن ذلك الحداد في العصر الحديث فانه لا دليل على جوازه ولا إباحته ويظهر ذلك فيما يأتي: