ما إذا كانت عاقلة أو غير عاقلة، والقول بعدم وجوب الإحداد على المجنونة يحتاج إلى دليل مخصص لهذا العموم ولم يوجد فيبقى على عمومه دالاً على إيجاب الإحداد مطلقا، وستعرف في المبحث الآتي مزيداً من الأدلة للفريقين لما بين المبحثين من العلاقة وذلك لاشتراك الجنون والصغر في عدم التكليف.
المبحث الثاني: كون المعتدة بالغة:
البلوغ هو مظنة رشد المكلف فإذا بلغ الصغير فإنه قد يعرف مصالح نفسه ويكون رشيداً يحسن التصرف في تعامله مع نفسه ومع غيره يبيِّن ذلك قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} . (النساء: 6) .
والبلوغ ضد الصغر، والصغير هو من لم يبلغ النكاح، والصغر مظنة لعدم الرشد لكون الصغير فاقداً لآلة الفهم والتمييز وإدارك الأشياء على حقيقتها التي تمكنه من معرفة مصالحه وعلى هذا فهل يجب الحداد على المرأة الصغيرة التي لم تبلغ مع اتفاق الفقهاء على وجوبه على المرأة البالغة العاقلة؟.
أقول: اختلف الفقهاء في وجوب الحداد على الصغيرة على قولين:
القول الأول: ذهب الجمهور إلى وجوب الحداد على الصغيرة فلا فرق عند هؤلاء بين الصغيرة والكبيرة إلا في الإثم [21] . وقول الجمهور هنا موافق لقولهم في إيجاب الحداد على فاقدة العقل بسبب الجنون - كما تم ثبته قريباً- فلا فرق عندهم في إيجاب الإحداد على الزوجة بين أن تكون عاقلة أو غير عاقلة مادام أنّ اسم الزوجية شامل لها.
الاستدلال لهذا القول: استدل أصحاب هذا القول بالمنقول والمعقول: