والإضافة تارة تكون إلى الرب جل جلاله نحو: وجود الله وحياة الله وكلام الله، فهذا المضَاف إليه سبحانه مختص به لا يَشْرَكه فيه أحد من خلقه, ولله المثل الأعلى. وتارة تكون الإضافة إلى العبد نحو: وجود العبد وحياته وعلمه وكلامه.
فهذا المضاف إلى العبد مختص به, والله تعالى منزه عن مشاركة العبد في صفاته وخصائصه, فالصفة تابعة للموصوف؛ فإن كان الموصوف بها هو الغني الحميد فصفاته كما يليق به, وإن كان الموصوف هو العبد الفقير فصفاته كما يليق بحاله من الفقر والحدوث والفناء [3] .
اختلاف الناس في حقيقة كلام الله تعالى:
قد تنازع الناس في حقيقة كلام الرب وتفرَّقوا واختلفوا بالأهواء بعد مضيّ خير القرون من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
قال عزّ من قائل: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} . (2: 176) .
1ـ وأبعد ما قيل في كلام الله سبحانه: "إنه فيض من المعاني يفيض من الملأ الأعلى على النفوس الشريفة بواسطة العقل أو غيره فيكسبها أنواعا من العلوم من تصورات وتصديقات بحسب استعداد تلك النفوس وقبولها لذلك الفيض". وهذا قول المتفلسفة القرامطة مثل: الفارابي وابن سينا والطوسي.
ويزعم هؤلاء الملاحدة أنّ موسى عليه السلام سمع كلام الله من سماء عقله أي كلّمه بكلام حدث في نفسه لم يسمعه من خارج, وأن أهل الرياضة والصفاء يصلون إلى ما وصل إليه موسى فيسمعون ما سمعه موسى كما سمعه موسى عليه السلام, ويرى هؤلاء أن لتلك النفوس قوتين:
أ - قوة التصور وبها تدرك من المعاني ما يعجز عنه غيرها.
ب - قوة التخييل وبها تستطيع أن تتصوّر المعقول في صورة المحسوس فتتخيل صوراً نورانية تخاطبها وتكلمها بكلام تسمعه الآذان.