وإنما حصل النزاع في معنى الكلام ومسماه عند المتأخرين بعد ما حدثت البدع وكثرت بها الشبه والشكوك فمرضت القلوب وفسدت العقول وكثر القيل والقال.

فقال بعضهم: "الكلام حقيقة في اللفظ مجاز في المعنى تسمية المدلول باسم الدال", وقال آخرون: "عكس ذلك".

وقيل: "يطلق الكلام على اللفظ والمعنى بطريق الاشتراك اللفظي", وقيل: "حقيقة في كلام الناس؛ لأن لكلامهم حروفاً وأصواتاً تقوم بهم ومجاز في كلام الله عز وجل" [2] .

والصواب في ذلك هو ما ذكرناه آنفاً بأن الكلام: "مجموع اللفظ والمعنى فمسماه مركب".

الكلام من صفات الله تعالى:

قد تواتر عن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام: أن الله تعالى متكلم موصوف بالكلام حيث أخبروا عن الله عز وجل بأنه: أمر بكذا ونهى عن كذا وأخبر بكذا، وكل ذلك من أقسام الكلام.

ووصف الله تعالى نفسه المقدسة بالكلام كما وصف نفسه بالعلم والقدرة والإرادة ونحو ذلك من صفات الكمال.

وصفاته جل وعلا لا تماثل صفات المخلوقين فهي صفات كمال تختلف عن صفات المحدثات كما تختلف ذاته المقدسة عن ذواتهم، ليس كمثله شيء.

وذلك أن المعاني والصفات التي تطلق على الخالق والمخلوق بالاشتراك لها اعتباران:

أـ اعتبار العموم والتجريد من الإضافة نحو: الحياة والعلم والقدرة والكلام، فهي بهذا الاعتبار مشتركة بين الخالق وبين المخلوق.

ولا يلزم من اشتراكهما في الأسماء والمعاني من حيث العموم وعدم الإضافة تشبيه ولا تمثيل؛ لأن هذا المشترك مطلق كلي لا وجود له في الخارج والواقع وإنما يفرضه الذهن, والذهن يفرض المحال.

ب- إعتبار الخصوص والتقييد والإضافة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015