صار خالد من رجال الدعوة، وما عاد يخفي شيئاً، فقد أخلص لها، واستعد لأن يضحي في سبيلها بكل شيء، وكأنما رسمت المقادير لخالد دوراً، كان له أكبر الأثر في الاستيلاء على الحجاز.
قطع خالد كل صلته بحكام الحجاز، فكان كلما أرسل إليه الشريف بالحضور والمثول بين يديه، تخلص من هذا بحيلة من الحيل، وتكرر منه ذلك، وعلم الشريف أن خالداً غير راغب في مقابلته، ورأى أن القوة هي الفيصل بينه وبين خالد الذي هو واحد من رجاله، واعتبره خارجاً على طاعته، فأرسل إليه جيشاً تلو جيش، فكان نصيبه الهزيمة، ففكر في أن يرسل إليه جيشاً قوياً بقيادة صهره، الشريف عبد الله بن محمد فلما وصل إلى جبل (حَضن) كان القدر له بالمرصاد، فقد تفشت فيه الأمراض فأفنته [13] وكفى الله المؤمنين القتال.
ويقال: إن الشريف طلب من صهره ألا يباشر عملاً عسكرياً وأن يلتزم مكانه حتى يصل الأمير عبد الله قائد الجيوش [14] .
عبأ الشريف كل قوته استعداداً لإعلان الحرب على الخارجين على طاعته أولا ثم على الإمام عبد العزيز، واستحث ابنه الأمير عبد الله الذي ولاه قيادة الجيوش الغازية أن يعجل بإخضاع القبائل في تربة والخرمة، وأن يقضي على من فيها من الولاة والخارجين، ثم يتجه إلى الرياض.