كانت انتصارات الإمام عبد العزيز في نجد وما يجاورها مثار إعجاب وإكبار من أبناء شبه الجزيرة، وهو واحد من أبنائها، وهذا ما أوغر صدر حكام الحجاز وأقضّ مضجع الحاكم في ذلك الوقت، وبخاصة أن الإمام كلما أخضع جهة، أقام فيها حدود الله، ونفذ حكم الشرع، والناس قد استجابوا، وسكنوا إلى أحكام الله، وحار الشريف فيما يفعل، وقد أصبحت بلاد نجد قوة لا يستهان بها!!
ماذا يفعل؟ إنه كلما حاول مساعدة البقية الباقية من الخارجين، أو معاونة واحد من أعداء نجد الذين يحاربهم الإمام، ارتدت إليه سهامه.
كان الشريف بين المَد والجزر، والبعد والقرب، فهو يتقرب إلى الإمام أحياناً، حتى ليظن الإمام أن الصفاء والمودة ستمحو كل ما سبق من عداء، وفجأة لا يلبث أن يقلب ظهر المجن فيظهر ما يضمر فإذا به عداء مستحكَم، لا يستقر به على حال، والإمام عبد العزيز ينظر إلى تحركاته نظرة الواعي المستفيد من كل هذه التحركات، إلى أن ظهرت نواياه أخيرا، وهي قوله: "إن الجزيرة بما فيها من نجدٍ من رعاياه، وأن كل هذه البلاد من حق الشريف".
وتذرع الإمام بالصبر والأناة كعادته، وتركه يقول كل ما يريد أن يقوله, وكانت هناك عهود ومواثيق لحلفاء الشريف من الإنجليز، احترمها الإمام، ولم يثر أي مشكلة لهؤلاء الحلفاء إبان الحرب العالمية الأولى، حتى كانت القشة التي قصمت ظهر البعير؛ وهي مسألة الخلاف على الحدود بين نجد والحجاز، وبالأخص تربة والخرمة -وهما قريتان على الحدود- الشريف يرى أنها من قرى الحجاز، والإمام عبد العزيز يؤكد أنها من نجد وكلاهما يدلي بحججه.