وإذا كان تطبيقها يحقق ما تقدم فإن تعطيلها يهدر ذلك كله وبسببه تتعطل أحكام الشرع من أمر ونهي لعدم وجود ضمان لها يحمل عليها من لا ينفذها طوعاً وتعود حياة المجتمع إلى مثل حياة الغاب يتسلط فيها القوي على الضعيف نهباً وسلباً وقتلاً واعتداء بل تعود الحياة إلى مثل قطعان البهائم لا شرف ولا كرامة ولا عرض مصان.
فتعطيل عقوبة الزنا مثلاً معناه إباحة الزنا الذي حرمته جميع الأديان الإلهية لما فيه من المفاسد العظيمة والمضار الشديدة.
وتعطيل عقوبة السرقة معناه إباحة لها كذلك فيؤدي ذلك إلى الاعتداء على ممتلكات الناس فيكون الإنسان غير آمن على طعامه وشرابه وكسائه ومسكنه وَأداة عمله.
وتعطيل عقوبة الردة معناه إباحة الاعتداء على نظام المجتمع المسلم والخروج على مبادئه والتشكيك في صحة دينه ولا يمكن أن تستقيم الأمور في هذا المجتمع إذا وضع نظامه موضع التشكيك والطعن.
وتعطيل القصاص معناه إباحة الاعتداء على حياة الأفراد من ناحية واعتداء على نظام المجتمع من ناحية أخرى.
وتعطيل عقوبة القذف معناه إباحة الاعتداء على نظام الأسرة حيث أن القذف هنا قاصر على الأعراض والذي يمس الأعراض يشكك في صحة نظام الأسرة ... كما يترتب على القذف إشاعة الفاحشة فما ترامى الناس بها إلا شاع فعلها بينهم فإن القول يسهل الفعل. {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} . (النور: 19) .
وتعطيل عقوبة الخمر معناه إباحة للفساد في الأرض عموماً إذ هو يؤدي إلى فقدان الشعور وإذا فقد الشارب شعوره فقد أصبح على استعداد لارتكاب جميع الجرائم فضلاً عن أن شربها يضيع المال ويفسد الصحة ويضعف النسل ويذهب العقل الذي هو ملاك التكليف.