بحث حول:
طبيعة العقوبة في الشريعة الإسلامية ومثاليتها
للدكتور حمد الحماد
كلية الشريعة
إن الأشياء التي تعتبر في نظر الشريعة جرائم إنما نهي عنها لأن في ارتكابها أضراراً جسيمة تلحق بنظام المجتمع وعقائده أو بأمنه وكرامته أو بحياة أفراده وأموالهم وأعراضهم ومشاعرهم.
وعمل العقوبة هو أن تشعر المذنب بذنبه وأن تنبّهه إلى خطئه عسى أن يقوده هذا إلى التوبة والإصلاح وبذلك تصبح الجريمة كالملغاة.
وإذا أمكن الوصول إلى هذه الغاية بوسيلة أخرى أقل كلفة لم يكن من الحزم الإصرار على استخدام العقوبة في غير الحدود طبعاً لذا كان العفو أحيانا صورة من صور العقوبة بمعنى أنه قد يحقق غرضها من الإصلاح غير أنه له نفوس خاصة وظروف خاصة وذنوب خاصة.
وقد شرع العقاب لمنع الناس من ارتكاب المحظور وحملهم فعل المأمور حيث أن الأمر بفعل شيء والنهى عن فعل شيء لا يكفي في تنفيذه فالعقاب هو الذي يحمل على التنفيذ ويجعل للأمر والنهى معنى مفهوماً ونتيجة حقيقية, وهو الذي يزجر ويردع الناس عن المعاصي ويقضي على الفساد في الأرض.
قال الماوردي: "والحدود زواجر وضعها الله تعالى للردع عن ارتكاب ما حظر وترك ما أمر به لما في الطبع من مغالبة الشهوات الملهية عن وعيد الآخرة بعاجل اللذة فجعل الله تعالى من زواجر الحدود ما يردع به ذا الجهالة حذراً من ألم العقوبة وخيفة من نكال الفضيحة ليكون ما حظر من محارمه ممنوعاً وما أمم به من فروضه متبوعاً فتكون المصلحة أعم والتكليف أتم" [1] .
إنّ تطبيق العقوبات في الشريعة يحقق ما تقدم إلى جانب أنه سوف يطارد الجريمة ويحصرها في مجال ضيق بل يقضي عليها قضاء تاما فيعيش المجتمع ملتزما إيجابيا بعيدا عن المحالفات وبذلك يتحقق صلاح حال البشر.