دينا ولا عبدوا سواه إلها

قوم هم اتخذوا الشهادة بغية

لا يبتغون لدى الجهاد سواها

هم في حمى الإيمان أول صخرة

فسل الصخور: أما عرفن قواها؟

حملت جبال الحق في دنيا الهوى

بيضا شواهق ما تنال ذراها

وتقيم من أمجادها وعلاها

تؤتى الممالك والشعوب حياتها

شهداء بدر أنتم المثل الذي

بلغ المدى بعد المدى فتناهى

ملء الحوادث يدفعون أذاها

علمتم الناس الكفاح فأقبلوا

وجعلتموه شريعة نرضاها

أما الفداء فقد قضيتم حقه

فدم الشهيد يبين عن معناها

من رام تفسير الحياة لقومه

لولا الدماء تراق لم نر أمة

بلغت من المجد العريض مناها

ولئن كنت قد أطلت في ذكر هذا النموذج الفذ من شعر أحمد محرم فما ديوانه مجد الإسلام، فإنما لأتحسس ما لاحظه الدكتور شوقي ضيف أن تلك الآلية التي تحول التاريخ إلى نظم حتى لكأنه يؤلف متناً من متون التاريخ، أو كما وصف هذا الشعر في مكان آخر بأنه جاف جفافاً شديداً، وأن إلياذة (هوميروس) أروع منه ومن حقائقه الجافة!!!.

لم أجد تلك الآلية وقد تتبعت ديوان مجد الإسلام ولم أجد ذلك الجفاف الشديد وإنما وجدت الشعور المتدفق الفياض وجدت تلك الصور الحية النابضة ووجدت تلك العبارة القوية المؤثرة والألفاظ الجزلة الآسرة ووجدت الفكرة المثلى والحقيقة السامية.. كل أولئك في إطار شعري امتزج بإحساس الشاعر فأبرزه صادقاً في عاطفته حاراً في إيمانه مؤثراً في تعبيره رائعاً في تصويره.. ولنستمد مثل قوله في شهداء بدر:

هم في حمى الإيمان أول صخرة

فسل الصخور أما عرفن قواها؟

أو في قوله:

فدم الشهيد يبين عن معناها

من رام تفسير الحياة لقومه

بلغت من المجد العريض مناها

لولا الدماء تراق لم نر أمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015