ثم يعود الدكتور شوقي ضيف ليضيف: "والخلاصة أن إلياذة (محرم) ليست كما يظن حدثاً جديدا في أدبنا بل هي عمل مسبوق، وأن من الخطأ أن نسميها أو يسميها صاحبها إلياذة، وإنما هي مجموعة من القصائد في سيرة الرسول وغزواته، وهي أشبه ما تكون بالقصائد الغنائية ومع ذلك فغنائيتها ضعيفة إذ ليس فيها مشاعر مثيرة ولا صور حية ناضرة، فلا تقرؤها حتى تحس أنها زاخرة بالفتور، وسرعان ما يملؤك السأم والملل، وهي لذلك شيء بين الشعر الغنائي والشعر التعليمي الجاف" [10] .

تلك بعض أقوال الدكتور شوقي ضيف في نقده لشعر أحمد محرم وبخاصة ما جاء في ديوان (مجد الإسلام) .. ولي في هذا النقد ملاحظات. وأولى هذه الملاحظات أن الشاعر أحمد محرم لم يدَّع أن شعره في ديوانه من الشعر القصصي ولم ير فيه أحد ذلك حتى ينقده الدكتور شوقي ضيف على أنه من الشعر القصصي.. وواضح أن شعر محرم من ذلك النوع الغنائي الذي يبعث الشاعر فيه مشاعره وإحساساته إزاء ما تأثر به من مواقف وأحداث تستدعي الوقوف والتأمل ثم التعبير بما تجود به القريحة وما تفيض به الشاعرية ثم إنه لم تكن هناك في شعر محرم تلك الآلية التي تحول التاريخ شعراً كما يقول الدكتور ضيف، وأين تلك الآلية عندما يقف الشاعر أحمد محرم- مثلا- عندما تهزه من أعماقه تلك البطولات الفذة التي تجلت في مواقف شهداء بدر حيث يقول فيهم [11] :

طف بالمصارع واستمع نجواها

والثم بأفياء الجنان تراها

ضاع الشذي القدسي في جنباتها

فانشق وصف للمؤمنين شذاها [12]

حلل يروع جلالها ومنازل

من نور رب العالمين سناها

ضمت حماة الحق ما عرف امرؤ

عزا لهم من دونه أو جاها

الطالعين به على أعدائه

موتا إذا نشروا البنود طواها

الخائضين من الخطوب غمارها

المصطلين من الحروب لظاها

الباذلين لدى الفداء نفوسهم

يبغون عند إلههم محياها

ما آثروا في الأرض إلا دينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015