كما جعل الله هذا البيت أمنا، فهو مثابة الأمن لكل خائف، وليس هذا لمكان آخر في الأرض.. كان الرجل يلقى فيه قاتل أبيه أو أخيه فلا يعرض له بسوء.. ولذلك قال سبحانه يمن على العرب به {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا في ساعة من نهار، فهو حرا م بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها".
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب هذا البيت، ولقد قال وهو يودع مكة في طريقه إلى المدينة وقت الهجرة: "والله إنك لخير أرض الله وأحب البلاد إلى الله ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت".
هذا البيت جعل الله الحج إليه فريضة على المسلم المستطيع مرة واحدة في العمر فقال سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" فقال رجل: أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم" ".
ولقد جاءت النصوص بالتعجيل بهذه الفريضة فإن الإنسان لا يدري ما يعرض له.
والحج عبادة جامعة لشتى العبادات ففيه من الصلاة الدعاء والتوجه إلى الله، وفيه من الزكاة الإنفاق وبذل المال، وفيه من الصوم التحمل والجهاد والصبر. وهو فوق ذلك عبادة العمر بحيث إذا أديت كما رسم الشرع خرج صاحبها منها كيوم ولدته أمه..