كلمة التحرير
استمتعوا من هذا البيت
للدكتور جمعة علي الخولي
أشار القرآن الكريم إلى مكانة البيت الحرام في أكثر من موضع، منها قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} .
فهو أول بيت أسس على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، وهو أول بيت وضع للناس للعبادة وإقامة ذكر الله منذ أمر الله إبراهيم أن يرفع قواعده وأن يخصصه للطائفين والعاكفين والركع السجود.
وبكة من أسماء مكة (قيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الظلمة والجبابرة. فكم من جبار قصد البيت بسوء فأهلكه الله.. وقيل لأن الناس يتباكون فيها أي يزدحمون.. عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع أول: قال: "المسجد الحرام"، قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم بينهما؟، قال: "أربعون سنة"، قلت: ثم أي؟ قال: "ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فكلها مسجد") .
هذا البيت جعله الله مباركا وجعله هدى للعالمين، وجعله مثابة للناس أي محلا تشتاق إليه النفوس وتحن.. ولا ينصرف عنه منصرف وهو يحس أنه قد قضى منه وطره ولو تردد عليه كل عام، ولعل ذلك استجابة من الله تعالى لدعاء خليله إبراهيم في قوله {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} .