البيئة وأثرها في حياة السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
للشيخ إبراهيم محمد حسن الجمل
المدرس بالمعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية
مكة المكرمة بيئة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها - حرسها الله ورعاها - قديمة، تاريخها غامض، يذكر أن أول ما عرف عنها أنها كانت تقع في القديم في طريق القوافل العربية وغير العربية التي تعبر الطريق، وهي قاصدة فلسطين وما جاورها من البلاد، أو آتية منها إلى اليمن، أو متجهة إلى الشرق.
وقد كانت القوافل تلجأ إليها للراحة بسبب ما كان فيها من العيون، ولم يكن العمران قد انتظم فيها، فكان رجال القوافل يجعلون فيها مضارب لخيامهم للراحة، ولتبادل السلع، وبهذا كانت محلة للتجارة.
ومن المرجح أن إسماعيل بن إبراهيم - عليهما السلام - أول من اتخذها مقاما وسكنا، بعد أن كانت محلة للتجارة يقع فيها التبادل بين القوافل الآتية من الجنوب والمنحدرة من الشمال.
على أنه يمكن أن نقول بأنها اتُخذت مقاما للعبادة قبل أن يجيء إليها إسماعيل عليه السلام، ويقيم بها، بزمن طويل، ويلمح هذا من الآية الكريمة التي جاءت على لسان إبراهيم عليه السلام في قوله سبحانه وتعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (إبراهيم: 37) ، إذ يفهم من هذه الآية أن البيت كان موجودا قبل أن يفد إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - إلى مكة.