في ساحل المحيط الهندي (جنوب غرب يوك جاكرتا) في الساعة السادسة صباحاً ذهبنا إلى ساحل المحيط الهندي (ويصر الأندونيسيين على تسميته بالمحيط الأندونيسي) وهو الذي يفصل بين الجزر الأندونيسية وقارة أستراليا من الجنوب وكان معنا الأستاذ سلامة سيف المسلمين أحد أعضاء اللجنة المنظمة لزيارتنا، وهو أحد مدرسي المدرسة الثانوية وكان سيرنا وسط أرض مزروعة بالأرز والموز وقصب السكر وأشجار النارجيل. والبامبو وغيرها من الأشجار والغابات. وتتخلل تلك الغابات قرى الفلاحين ومنازلهم التي بني بعضها مسلحاً وبعضها أساسه مسلح وسقوفه. وجدرانه من شرائط قصب البامبو القوي والموجود بكثرة ويستعمل في منافع كثيرة وكان الشارع غاصاً بالطلبة والطالبات الذاهبين إلى مدارسهم، وبالفلاحين الذاهبين إلى مزارعهم هذا راكب وهذا ماش، وكأنهم في مظاهرة في كل اتجاه لكثرتهم.
وعندما اقتربنا من البحر رأيناه من بعد وأمواجه ترتفع ارتفاعاً هائلا حتى كنا نظن في أول الأمر رشاش الموج المتصاعد في الجو سحاباً. وصلنا إلى الشاطئ الذي تقع على جانبه دكاكين صغيرة شعبية يبيع أهلها بعض المأكولات الخفيفة وشراب البيبسي وغيره. تركنا السيارة وذهبنا إلى قرب تلك الأمواج فوقفنا نشاهد عجباً من المباريات والمناورات بينها. فكانت الموجة ترتفع ارتفاعاً مذهلا ثم تنقسم وتكر راجعة فتأتي أختها في حالة هياج فتصطدم بها فيدفع الله بالسابقة اللاحقة.
وأخذت أفكر قائلا في نفسي لو كانت هذه الأمواج مستمرة في هياجها وقوتها ماشية إلى الأمام الأولى تسير والثانية تتبع وتدفع هل تستطيع الجبال الشاهقة أن تصد قوافلها عن إغراق اليابسة بأكملها؟!.
وكانت السحب تتكون فوق البحر وكأن تلك الأمواج تتسابق لإمدادها، وأخذ رذاذ المطر يتساقط علينا من تلك السحب وكأنها تكرمنا برش الطيب علينا.