وفي الساعة الرابعة وخمس عشرة دقيقة غادرنا الفندق إلى مطار بانكوك وتجولنا قليلا في دكاكين المطار ثم صعدنا إلى الطائرة التايلندية التي أقلعت إلى كوالالمبور في الساعة السابعة وكان ذلك عند غروب الشمس وكنت إذا نظرت إلى اليمين: جهة الغروب أرى السحاب محمرا مشربا بصفرة كأن نارا تلهبه، وإذا نظرت إلى اليسار أرى ظلمة الليل قد اختلطت ببياض السحاب واسوداد الغابات وهي تلاحق النهار لتغطيه، ولفت هذا نظري إلى آية تكوير الله النهار على الليل في النجاح كما مضى وتكوير الليل على النهار في المساء وقلت: سبحان الخالق.
عرض المضيفون الضيافة فطلبنا منهم أن يقدموا لنا خضارا وسمكا بدلا من اللحم خشية من لحوم الخنزير أو ذبح الوثنيين فأعطونا ما أردنا، وهبطت بنا الطائرة في مطار كوالالمبور عاصمة ماليزيا في الساعة التاسعة إلا ربعا. وذهبنا إلى قاعة تسلم الأثاث الذي فارقناه- في كراتشي لنتسلمه هنا، وكان الشيخ عبد القوي يستعرض الساحب بشغف ليرى علامة تدل على وجود أثاثنا إلى أن توقف الساحب منهيا الطمع في وجود أثاث آخر على هذه الرحلة فذهب الشيخ ومعه الأخ عبد الله باهرمز لإبلاغ المسئولين عن فقد أثاثنا ففتشوا الأثاث الموجود فلم يجدوا شيئا ثم أخذوا بطاقة رسمية أعدت لمثل هذه الحالة وسجلوا بها المعلومات اللازمة من تذاكر السفر والجوازات ووعدوا ببعث تلكس إلى بانكوك وطلبوا منا تحديد مكان إقامتنا في كوالالمبور ليشعرونا بوصول العفش، قلت للشيخ عبد القوي: لعل عفشنا ذهب مع الطائرة الفرنسية إلى مانيلا ليزور أساتذة كلية اللغة العربية، ومنهم وكيل الكلية- الذين كانوا يعملون في دورة تعليم المدرسين المسلمين اللغة العربية في الفلبين- وكان هذا فعلا هو الواقع. أي أن العفش حلق فوق المحيط الهادي وألقى عصا ترحاله في مطار مانيلا.