واستدل لها بقراءة أبي (تنبئهم) .
والذي أرجحه أن قراءة أبي هذه ليست قراءة، وإنما هي من باب التفسير.
وقالوا في تفسير القراءة إنها تكلمهم ببطلان الأديان سوى الإسلام، وقيل تكلمهم بما يسوءهم، وقيل تكلمهم بلسان ذلق يسمعه من قرب وبعد {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ} ، أي بخروجها لأن خروجها من الآيات.
وبعض المفسرين حمل هذه القراءة على أنها تكثير وتضعيف [118] من (تكلمهم) .
وفي هذا قال الزمخشري [119] : "ويجوز أن يكون (تكلمهم) بضم التاء وتشديد اللام المكسورة من الكلم أيضا على معنى التكثير، يقال: فلان مكلم، أي مجرح، فهي عنده كقراءة (لنحرقنه) - بتشديد الراء - التي فسرت بقراءة علي رضي الله عنه (لنحرقنه) بغير تشديد الراء".
والثانية: هي (تكلمهم) بفتح التاء وسكون الكاف وكسر اللام، من الكلم وهو الجرح.
وفسر بعضهم (كلمها) بما رواه أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم".
وبما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن علي أيضا من أنها تُكلِّم المؤمن [120] وتَكْلم الكافر، أي تجرحه [121] .
5- تأويل الدابة ودودة القطن:
وأما الذين إذا ذكر خبر من أخبار الغيب اشمأزت نفوسهم، وتجهمت وجوههم، فقد كبر عليهم أن يخرج الله دابة من الأرض تكلم الناس، فحاروا وداروا واستبانوا أنهم لا يستطيعون التكذيب، فبحثوا عن مخرج للتأويل، وأعانهم على بحثهم هذا أن أسعفتهم رواية ابن عباس التي يقرأ فيها (تكلمهم) [122] بفتح التاء وبتخفيف اللام، من الكلم وهو الجرح، وأنه رضي الله عنه لما سئل هل هي تكلِّمهم أو تكلمهم فقال: "كل ذلك تفعل تكلِّم المؤمن، وتكلم الكافر".