وتقتضينا الأمانة العلمية أن نذكر رأيا لأحد الشيعة المعاصرين حول موضوع الدابة، ونصه هو [110] : "أما الدابة فقد كثر الكلام فيها، والله سبحانه لم يبين ما هي، والحديث عن المعصوم في بيانها لم يثبت، حتى لو صح سنده لم نعمل به لأنه خبر واحد [111] ، وهو حجة في الأحكام الفرعية، لا في السمعيات وأصول العقيدة، والقول بغير علم حرام، فلم يبق إلا الأخذ بظاهر الآية الذي يدل على أن الله سبحانه عندما يحشر الناس للحساب، يخرج من الأرض مخلوقا، يعلن أن الكافرين جحدوا الدلائل الواضحة والبراهين القاطعة على وجود الله ووحدانيته".
هـ- تسرب الرواية الشيعية حول الدابة إلى بعض التفاسير السنية:
وجدنا الرواية الشيعية القائلة بأن الدابة هي علي رضي الله عنه قد تسربت إلى بعض التفاسير السنية، ومثال ذلك ما أورده البغوي [112] ونصه: "وروي عن علي أنه قال: ليست بدابة لها ذنب، ولكن لها لحية) ، ثم عقب البغوي بقوله: كأنه يشير إلى أنها رجل، والأكثرون على أنها دابة".
وما أورده البغوي، أورده ابن كثير [113] وكذلك ذكره القرطبي [114] وغيرهم.
- الدابة وعصا موسى عليه السلام:
ذكر الفيروزأبادي [115] في تفسير آية الدابة ما يلي: " {وَإِذَا وَقَعَ} وجب {القَوْلُ عَليْهِمْ} بالسخط والعذاب، {أَخْرَجْنَا لهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ} بين الصفا والمروة، وهي عصا [116] موسى، ويقال معها عصا موسى، {تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا} بآيات ربنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، ويقال بخروج الدابة {لا يُوقِنُونَ} : لا يصدقون، وإن قرأت تَكلِمُهم: بنصب التاء: تضربهم وتجرحهم".
4- الدابة بين الكَلم والكلام:
وردت لقوله تعالى (تكلمهم) من الآية قراءتان:
الأولى: (تكلمهم) بضم التاء وتشديد اللام المكسورة، وقد قال القرطبي [117] عنها إنها قراءة العامة، أي جمهور القراء.